رونزا تعتبر الفن الشيء المغيب في هذا الزمن - الثورة على خشبة المسرح تختلف عن الثورة على مسرح الواقع - الحوادث
رونزا تعتبر الفن الشيء المغيب في هذا الزمن - الثورة على خشبة المسرح تختلف عن الثورة على مسرح الواقع - الحوادث 5.1.1996
الفنانة رونزا الشقراء الهادئة هي ماريا السمراء الثائرة في مسرحية "الانقلاب" لمروان وغدي الرحباني. على خشبة المسرح رونزا هي ابنة الشعب تصرخ في وجه الظلم وتغني للحرية، وعلى خشبة الواقع هي ابنة الشعب أيضا ً ولكنها تفضل أن ترفض بصمت وان تتريث في الغناء.
تصف رونزا "طائر الفينيق"، بالانجاز على رغم انه الشريط اليتيم لها في مسيرتها الفنية الطويلة، منذ أدى برنامج "ساعة وغنية" الذي صور عام 1979 الى دخولها عالم الاحتراف الذي لم تكن تحلم بالسير به حسبما تقول.
في حوار غني بالحماسة والمشاريع التي حولتها قلة المال الى احلام كانت رونزا حذرة في اطلاق احكامها على هذا الزمن الذي وصفته بالزمن الصعب. وترد على من يصف قلة انتاجها بالتقصير، فتقول ان اطلاق كاسيت وحيد لا يعني انها مقصرة لان من يريد تقديم عمل يعتز به عليه ان يتأنى...
"الحوادث": التأني شيء وقلة الانتاج شيء آخر "وطائر الفينيق" ليس كافيا ً ليسمع الناس برونزا الفنانة ويعتقد البعض بأنه ينقصك السعي؟
رونزا: انني أسعى ، ولكن السعي لا يكفي، يجب أن يكون هناك منتج يقتنع بصرف المال لانتاج الاعمال المهمة. فطائر الفينيق مثلا ً كاسيت يضم عشر اغنيات جميلة على رغم ذلك لم تأخذ حقها تسويقيا ً ولم تسمع بها معظم الناس.
"الحوادث": لماذا برأيك؟
رونزا: لا أعرف. ربما هو المال الذي لم يدعم الاعلان له. ولو لم تتبرع احدى شركات الانتاج لتنتجها على نفقتها لما كنت أطلقتها.
"الحوادث": لماذا يحجم المنتجون عن انتاج الاعمال المهمة كما وصفتها؟
رونزا: لانهم يبحثون عن الاعمال الخفيفة. فهي التي تدجر مالا ً "وهيدا مش فن".
"الحوادث": ما هو الفن برأيك؟
رونزا :الفن هو الشيء الغيب في هذا الزمن. انه زمن صعب. فالفنان، صار لازم يغني بالمطاعم ويشتغل اغاني للرقص أو بيقعد بالبيت."
"الحوادث" ماذا اخترت؟
رونزا": طبعا ً، لن أجلس في المنزل، والدليل انني أعمل انما ما ارتاح له وما اقتنع به وربما في ذلك اجابة عن قلة انتاجي. وفي رأسي ألف مشروع كلها تحتاج للمال.
"الحوادث": الف مشرع؟
رونزا :مشاريع جديدة وغنية مثلا ً "كونسير" جديد من نوعه في لبنان والشرق من حيث الأسلوب والانواع الغناائية وطريقة آدائه. بالاشتراك مع شقيقتي آمال وفاديا. وتصوير"فيديو كليب" لاغنيات كاسيت "طائر الفينيق" الذي صور منه أغنية "مين كان يقول" التي باعتقادي لم تكن كافية لاطلاق هذا العمل الذي يصلح لان تصور كل اغنياته...
هذا يقودني الى تأكيد أمر، وهو أن كل شيء رهن بالظروف والمال الذي يحكم هذا الزمن.
"الحوادث": كيف يتحكم المال بالفن؟
رونزا: يتحكم بالفن كما يتحكم بكل شيء، هو الذي يسدد فاتورة التسجيل، والتسويق هو الذي يسمح بانتاج "فيديو كليب" للكاسيت التي لم تعد قادرا ً على دخول السوق من دونه.
"الحوادث": هل تعتبرين ان الأعلام مقصر تجاهك؟
رونزا: الاعلام المكتوب واكب مسيرتي الفنية وكان يكتب عني وأنا في المنزل لا أعمل شيئا ً لانه لا يكلف مالا ً.
"الحوادث":ألم ينصفك الاعلام المرئي والمسموع؟
رونزا: في الاعلام المرئي والمسوع، كل شيء يكلف، طبعا ً اذا أردت أن طل بشكل اعلاني، أما كضيفة في برنلمج فالامر سهل واتلقى العديد من هذه الدعوات...
" الحوادث": كيف تتقبلين هذا الواقع؟
رونزا: بالايمان، أنا واثقة من أن البقاء للحق. وهذا ينطبق على الفن أيضا ً، ففي مسرحية، "الانقلاب" تلمس ملامح الفن الحقيقي الذي عاد بعد مسرحنا وفي هذا اشارة للحق الذي يبقى.
"الحوادث": ما هو دورك في "الأنقلاب"؟
رونزا : أنا ماريا ابنة الشعب التي ترفض الظلم وتنور عليه...
"الحوادث": ما هو وجه الشبه بينك وبين ماريا؟
رونزا: أنا وغيري كلنا أبناء الشعب ودور ماريا انساني طبيعي وعالمي، فحيث يوجد ظلم هناك من لن يرضى به وينور عليه، انما الثورة على خشبة المسرح تختلف عن الثورة على خشبة الواقع...
"الحوادث": ما هي حقيقة هذا الاختلاف؟
رونزا: المسرحية قصة يجب ان تنتهي فصولها ضمن وقت محدد، أما قصتنا الحقيقية فقد تطول ويتغير أبطالها ولا تنتهي...
"الحوادث": مسرحية "الانقلاب" هل لها أثر مميز في مسيرتك الفنية؟
رونزا: انها عمل ضخم جديد اتمنى أن يشاهده الجميع وأكون مسرورة جدا ً اذا استمر عرضها ونالت ما تستحقه من دعاية.
"الحوادث": عملت مع الآباء الرحابنة ومع مروان وغدي الرحباني. كيف لاتصفين تجربة العمل مع جيلين؟ رونزا: تماما ً، انه الفرق بين الكلاسيكية والحداثة أو "العصرنة"، وذلك بحكم العمر.
"الحوادث": مع أي منهما تجدين نفسك؟
رونزا: لا أستطيع أن أجيب على هذا السؤال بتحديد. مع الآباء الرحابنة دخلت عالم الفن. كانت النقلة النوعية في حياتي. ومع مروان وغدي. اختلف الأسلوب أصبح "شبابي" أكثر والأعمال غلبت عليها الحركة والحداثة. وذلك كما قلت بحكم العمر ومتطلبات العصر. وفي الحالتين كنت أجد نفسي وكنت أقدم ما أحب.
"الحوادث": قلت ما تحبين. ما هو الذي لا تحبينه على المسرح؟
رونزا: لا أحجب الجمود على المسرح. انه يزعجني وعدم وجود الحركة في اللوحات الاستعراضية يدخل الملل الى قلبي.
"الحوادث": وفي الحياة، الا تحبين الحركة؟
رونزا: طبعا ً، أحبها. انما ماذا تقصد؟ الارتباط وتكوين أسرة؟ لا أجد علاقة بين الاثنين ثم أنا مرتاحة كما أنا.
"الحوادث": هل شغلك العمل عن العاطفة؟
رونزا: ليس للعمل تأثير في العاطفة، اذا كنت تقصد الحب انني لا أهتم له في الوقت الحاضر.
"الحوادث":بماذا تهتمين الآن؟
رونزا: بعملي بفني، وبمن حولي.
بيروت - احمد محمد عبد الله