رنا الخوري: أستاذة في الفلسفة - العودة الى كمال الحاج
هو كمال الحاج، ابن يوسف الحاج الذي غالبا ً ما كان يطلق على نفسه اسم يوسف الحاج الهاشم لاقتناعه بأنه يتحدر من سلالة النبي العربي الهاشمي. ولد في مدينة مراكش عام 1917 وكانت والدته أدال بشارة أنتيبا من أصل يوناني وابنة مبشرة بروتستنتية.
نال الحاج شهادة الباكالوريوس في الأدب العربي عام 1946، وحاز عام 1949 على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون لدى انجازه أطروحة بالفرنسية بعنوان "قيمة اللغة عند هنري برغسون" وهو الفيلسوف الفرنسي الذي سيكون له مكانه المميز في مسار الحاج الفكري. وبعد عودته الى لبنان رفض متابعة تدريس الفلسفة بغير اللغة العربية وأحجم عن الكتابة بالفرنسية بصورة نهائية عام 1954.
تزوج من ماغي الأشقر ابنة شقيقة أسد الأشقر، أحد أبرز رجالات الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أسسه أنطون سعادة. وعام 1975، على أثر اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، انتقل مع عائلته الى قريته الشبانية حيث ساهم مع العديد من الفعاليات السياسية والدينية في ابعاد شبح الفتنة وتجنيب منطقة المتن الأعلى، التي يتعايش فيها المسيحيون والدروز، سفك الدماء. لكنه، ما انفك يتلقى تهديدات بالقتل، حتى خطف في 2 نيسان من أمام منزله واغتيل فورا ً بضربة فأس على رأسه.
أما عن مسار كمال يوسف الحاج الفلسفي فقد لخصه في كتابه "موجز الفلسفة اللبنانية". وقد وضع فكرة الموت في أساس التفلسف، وهي عنده أيضا ً في أساس الشعور الديني والتي تجد حلا ً لها في المسيح الذي أمات الموت بموته على الصليب. وهذا ما يدل على قصور الفلسفة عن ادراك كنه الحقيقة. والحقيقة عنده تكمن في شخص المسيح.
والانسان عند الحاج ثنائي التأليف. فهو ابن الأرض، في وجوده القومي، بطريق الجسد، الذي يربطه بالزمان والمكان. وهو ابن السماء، في جوهره الانساني، بطريق الروح، التي ترفعه فوق الزمان والمكان. تلك هي حقيقتنا، تأرض وتسام. تقومن وتأنسن. الانسان هو كائن قومي تماما ً كما هو كائن انساني.
يقول الحاج عن اللغة العربية في كتابه "في غرة الحقيقة"، ص. 27: "خلصت من هنا الى أن العربية هي الأحق بمركز الصدارة في لساني. انها لغتي - الأم". ويتساءل في "موجز الفلسفة اللبنانية" ص. 14: "ولماذا لا يكون لنا فلسفة لبنانية؟ ثلاثة لا يتفلسفون: الجماد والحيوان والملاك. فهل نحن من بينهم؟ كلا. نحن بشر على وجه الأرض. اذن، من حقنا أن يكون لنا رأي في هذا الوجود. ثم، نحن شعب عريق في الزمان والمكان (...).
يعتبر الدكتور ناصيف قزي، أستاذي الذي علمني فكر كمال يوسف الحاج في الجامعة اللبنانية، أنه استبق نظرية "صراع الحضارات"، بنظريته في التلافي الحضاري، بحيث كانت النصلامية (نحت فيلسوفنا اللبناني كلمة نصلامية للتدليل الى أن القومية اللبنانية هي زواج حضاري بين النصرانية والاسلامية.) هي السبيل، وأنه واحد من القلائل الذين أغنوا المكتبة الفلسفية العربية بمؤلفات ذات بعد ابداعي، وكان من أولئك المنذورين الذين لامسوا بعض الحقيقة في ما قالوه. انه، على غرار كمال جنبلاط وموسى الصدر وميشال أسمر وعبد الله العلايلي ويواكيم مبارك، واحد من جيل، لا بد، لبناء لبنان الوطن ودولة القانون، من العودة اليه.
عبرين في 16 أيار 2017