المقالة الشفوية الثانية جريدة "الصفا"، 30 أيار 1963أين نشأت و كيف؟
المقالة الشفوية الثانية جريدة "الصفا"، 30 أيار 1963أين نشأت و كيف؟
ولدت في بيروت سنة 1925. وطالعت أغلب الأحياء الشرقية من العاصمة. تلقيت العلوم الابتدائية في مدرسة زهرة الاحسان للبنين والبنات. ثم تابعت دراستي في معهد الحكمة ثم انتهيت واصلا اللحاق سنة واحدة في الكلية العلمية"اللاييك".
كيف بدأت بنظم الشعر؟
أخذت على نفسي صناعة الشعر منذ أن كنت تلميذا في المدرسة. هذا، وقد ظل القريض ملازمي ورائدي الى أن اكتملت ملكتي. ذلك بأن أعطيت أولى قصائدي ولا أذكر الحالة النفسية الخاصة التي تجولت بي عند أول قصيدة. غير أني على الأرجح كنت لا أزال حينها في المدرسة.
من قال عنك بأنك "أشعر شعراء الفرنسية" اطلاقا وأين تقف تجاه هذا الرأي؟
هذا القول يعود الى الشاعر الفرنسي غبريال بومران. أما رأيي بنفسي فما يماشي أيضا هذا القول بصراحة. الصراحة جميلة لأنها طريق الى العدل. رأيي الخاص اذن كما أسلفت وقد اختصرته في قصيدة من ديواني "من الانسان والاطار والناي" عنوانها "الله ذبابة"، قصيدة تعني تحويل الله والخلق مع ارجاعهما الى ذرة، أو الى لا شيء في نظر الشاعر. بل انما تعني أكثر: تحويل الله والخلق الى ما لا يرى بالنسبة الى ما يراه الشاعر من نفسه في خلايا هذه، أو بالقياس حتما الى نفسه.
أي شيء تريد بعدها الفخر؟ أو ماذا ترى من المتنبي؟ لقد أفحمت الرد اذ شرحت الله الذي أجعله وأصيره على النحو الذي سبق جاعلا منه صورة لجميع الأجيال غابرة الى آتية كاسية حلالها ولابسة حللها الى الأبد! لم أستثن منها حاجة ولا امرؤاً. هذا بل تعديت الى أكثر مضيفا أني لم أزل الى ذاك واقعا بنفسي الى علياء طالبة المزيد! وأستطيع المزيد حتى الساعة! زائدا بأن الزيادة في الموضوع أبدا لائقة قاطعا بأن الله والناس جميعا ما لا يرى بالقياس الى نفسي! جازما بأن نفسي الأخيرة عالم لا يحد بالنظر الى العالم الأول! ولا يحكوه بشيء! ذلك بل أنه يعدو جميع الأشكال وينعي جميع الأشباه الزائدة على الأرض، ناعتا اياها بالصغارة، وككل ما اذا قيس لا يعد أو احتسب لا يرى أو حصي قام تحت قائمة الحساب. وأستطيع أن أقول اكثر مضيفا أني أرى جميع الأشكال اذا ما تحديتها راجعة الى الوراء، كما أرى الوجود بأسره يحصد الملايين تحت العدم في حساب نسبته الي، متخلفا ملايين المرات في حساب الدين.
ما رأيك في الحركة الشعرية المعاصرة في لبنان؟
رأيي أن الحركة الشعرية المعاصرة الى زمن قريب مضى كانت ناجحة للغاية وجاءت بالأسبقي. ذلك من مثل قرم وخلاط وشحادة في الفرنسية، وسعيد عقل في العربية. ولا ينتظر دائما قصب السباق. فقد تكون الموجة الجديدة"أخف" من سابقتها.
ما رأيك في شعر جورج شحادة ومسرحه؟
أفضل في الحقيقة شعر جورج شحاده مع الاشادة أيضا بمسرحه. تفضيلي للأول على أنه واضح الروعة، يقع على حسن عبارة وتجديد. والأخير على أنه يصور منهجا لم يؤلف في الفرنسية هذه التي تعودت بالأحرى على الكلاسيكية.
هل بلغ الأدب العربي مستوى عالميا ؟
لا غرو بذلك مع الذي أسبقنا من وجود شعراء أوليين. كما لا بدعة أيضا من الاستزادة بالنسبة الى أن الحياة مطلب وسعاية.
سمعنا بأنك وجهت رسالة الى رئيس الجمهورية. هل لك أن تقول لنا أهم ما جاء فيها؟
أردت أن أقول في الرسالة أن الأدب الحقيقي لا يقارن بجهد. كما أن كتابي المعرف بوصف الانسان والاطار... هو نهاية السبيل في هذا المعنى. لقد كلفني وضعه مجمل طاقتي مع أحوالي الصحية. يفهم ذلك متى نظرنا الى النهج الكلاسيكي الذي اتبعه. ذلك النهج الذي يقوم خاصة على الصفة اللفظية والعناية بالشكل على نحو الأدباء والشعراء اللفظيين الذين هم بنظري وفي نظر الحقيقة يمثلون وحدهم المدارس الكلاسيكية.
هذا الكتاب - ردت على الرسالة - لم يف بشيء من الأتعاب، ذلك بسبب الاهمال المؤقت الحاصل لدى القراء. لكن أهكذا يحصل الحيف؟
تأملت أن تتدارك الحكومة للأمر بعاقبة. حفظا للحق الذي يرجى أيضا للناس من الدنيا كما يرجى لهم أيضا أخوة من المعاني الصوفية المتجردة ومن الآخرة! والشعراء كالناس! لا يعيشون بالزهد وحده! وهكذا فقد التمست من فخامة الرئيس أن يعودني بطريقة سريعة أتقي بها الضرر! هذا مجمل ما في الرسالة.