مقتطفات من الصحافة
كتب محمد خليل السباعي:
الرائد في قوى الأمن الداخلي، دانيال أبي اللمع يشارك في "معرض فن العيش 2017
لوحاته ورسوماته تحاكي جمال الطبيعة والمرأة والحب وتعكس صورة الوطن الجميل.
شارك الرائد في قوى الأمن الداخلي، الأمير دانيال أبي اللمع، في معرض "فن العيش 2017"، الذي أقيم في "الفوروم دو بيروت"، وتشكل لوحات أبي اللمع، إنعكاساً لما يجول في داخله، فجاءت في معظمها مناظر طبيعية، وإن رسوماته الهادئة والمتنوعة، أظهرت الوجه اللين لقوى الأمن الداخلي، المتثل بمجموعة من الضباط والعناصر، في شتى الميادين.
وفي هذا السياق، تحدث الرائد أبي اللمع، عن معرضه إلى "كواليس" فقال: "هذا المعرض الثاني، الذي اشارك به في لبنان، وهو معرض جماعي، ينظم سنوياً في "الفوروم دو بيروت"، وشارك فيه ستون فناناً تشكيلياً لبنانياً. أما المعرض الأول، الذي شاركت فيه، حمل عنوان "فنانون في مهمّة" ونظم في بلدة بصاليم، في قضاء المتن الشمالي، بمشاركة 35 فناناً تشكيلياً لبنانياً، وعاد ريعه لجمعية خيرية، تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة".
الألوان الزيتية
وأضاف أبي اللمع: "انتمي الى المدرسة الانطباعية، وهي مدرسة فنية، ظهرت من القرن التاسع عشر في فرنسا، ترى في الإحساس والانطباع الشخصي، الأساس والمرتكز في التعبير الفني، لا المفهوم العقلاني للأمور. ويرجع ذلك إلى أن أي عمل فني، لا بد أن يمر بنفس الفنان أولاً، وعملية المرور هذه هي التي توحي بالانطباع أو التأثير، الذي يدفع الفنان إلى التعبير عنه، فالانطباعية من هذه الوجهة، هي محاولة للتعبير عن الأحاسيس الفورية، للعالم والأحداث والتطورات. ويحاول رسامو المدرسة الانطباعية، تقليد الضوء عندما ينعكس على أسطح الأشياء، ويحققون ذلك بإستخدام الألوان الزيتية، في بقع منفصلة صغيرة، ذات شكل واضح، بدلاً من خلطه، على لوحة الألوان، ويفضَّل الانطباعيون العمل في الخلاء، لتصوير الطبيعة مباشرة، وليس داخل جدران المرسم، وأحياناً كانوا يقومون برسم المنظر مرات عديدة، في ظروف مناخية متغيرة، لإظهار كيف تتغير الألوان، والصفات السطحية في الأوقات المختلفة".
آيات الجمال
وتابع أبي اللمع: "استخدم الألوان الزيتية أو المائية، في رسم لوحاتي، بحسب طبيعة المشهد أو الفكرة، التي أريد تجسيدها أمامي، ويتم ذلك بعدة تقنيات، من خلال استعمال الفرشاة أو السكين. وفي الواقع أجسّد الحياة في لوحاتي، فهناك من يرى المرأة في لوحتي، وهناك من يرى فيها الحب والعشق، وآخرين تجسيداً لمنظر الطبيعة، وفي النهاية تبقى المرأة والحب والطبيعة، أسمى آيات الجمال في هذا العالم".
الضابط إنسان
وتابع أبي اللمع: "إن الضابط هو إنسان، يملك المشاعر والأحاسيس والتعابير، كما يملكها اي شخص آخر، بصرف النظر عن مهنته، وان من يجيد مهنته بحرفية عالية، يعتبر فناناً ورساماً، بكل ما للكلمة من معنى، ان القيادة العسكرية والصرامة، هي فن من الفنون، كما هو النحت والرسم والطرب، والفن واحد متكامل، لا يتجزأ أبداً، في كافة المفاهيم، وهو عبارة عن رسالة خلاقة، تنبع من داخل الشخص الفنان، لتصبّ في عيون وقلوب المجتمع، والضابط هو رسالة مقدسة، قد نذر نفسه لمجتمعه ووطنه، والفن رسالة إبداع، سهلة الوصول إلى المجتمع والوطن، وعليه لا يمكن الفصل، بين القيادة العسكرية والصرامة من جهة، وفن الرسم من جهة أخرى، فهما يكملان بعضهما البعض، لا بل تصقل احداهما، الأخرى لتنتج أيقونة ثمينة، تعكس صورة الوطن الجميل".
وختم أبي اللمع: "بدأت المشوار مع الرسم منذ الطفولة، وكنت أفضّل البقاء في المنزل، لتنمية موهبة الرسم، بدلاً من الخروج واللهو مع الأصدقاء، بعد محاولاتي الأولى، بدأت لوحاتي تشدّ الأنظار اليها، وهذا ما شجّعني على شقّ طريقي، في عالم الرسم، وإنتقلت إلى مرحلة الرسامين المحترفين".
يذكر إن المهام الملقاة، على عاتق الرائد أبي اللمع، في وظيفته الأولى، كضابط في قوى الأمن الداخلي، فإنه يبحث عن الوقت، لممارسة فن الرسم الأحب الى قلبه، وهو التحق بدورة الضباط المجازين في الحقوق، عام 2003، وتخرج ملازماً سنة 2004، خدم في عدة مراكز في قوى الامن الداخلي، ومنها: سرية مطار رفيق الحريري الدولي، فوج الطوارئ في شرطة بيروت، معهد التدريب في الوروار، ومنذ عام 2008 ولغاية اليوم، يخدم في مكتب وزير الداخلية والبلديات.
مجلة كواليس وجريدة الأنوار 1018
موقع جنوبية
الرسّام المتخفّي في بدلة رجل أمن: دانيال أبي اللمع ينهي ساعة عمله الأخيرة، في مكتب تفوح منه رائحة الأمن والقوانين والانضباط، لتخالطها رائحة السجائر والبيروقراطية. لاشيء في هذا المكتب يستدعي الانتباه... سوى الرسمات التي تلوح في خيال الضابط الرفيع.
ما إن يقفل هذا الباب الخشبي مساءً ليستقل سيارته، حتى ينتقل من حالة إلى حالة، تنبعث فيه تلك المشاعر فجأة، تعود إلى الواجهة الأحلام فتطارده ويطاردها. هذا المشهد “الميلادي” الذي يواعده كل مساء يستحوذ عليه يتملكه، فينعم بهذه اللذة ويتمتع بأدق تفاصيلها.
تتضخم فيه هذه الحالة وهو يقود سيارته، فتتقد غريزته الفنية وهو الشغوف بالرسم منذ صغره.. لا يقاوم، يستسلم لها حتى تبدأ معالم اللوحة تتكون أمام عينيه، من طفولته، من محطات ارتسمت في تكوينه فيترجمها بريشته.. هو الآن يرى لوحته كاملة بخطوطها وألوانها وزواياها.
يدخل منزله ليلا، ينسلّ بحياء الرغبة وخجلها إلى الغرفة التي خصصها لعشيقته الفنية، لتلك الهواية التي منحها نصفه علنية، وكُلَّه باتفاق وَلَهٍ عقده بينه وبينها. يغلق الباب عليهما كأي جلسة حميمية، ليطفئ نار “وادي الجنّ” بالألوان، بالنحت على الورق.
هي لحظة ينفصل خلاها عن ذاته الأولى، لحظة لا تشبه ذاك الجالس في المكتب الذي يمارس وظيفته بمهنية وأمانة ودقة، وإنّما تشبهه هو “الفنان“ وليس "رجل الأمن".
هو الرائد في قوى الأمن الداخلي “دانيال أبي اللمع”، الكومندون، الذي يمارسه مهامه يومياً في مكتبه في وزارة الداخلية، زائره في دوام العمل، لا يراه إلا صلباً، و محادثه بعد العمل عن الفن، يرى فيه الرسام المبدع بريشته والمثقف بهوايته.
أبي اللمع الذي ولد في “برمانا”، في العام 1978، نضج على عشق الطبيعة اللبنانية بتفاصيلها، في طفولته لم يكن يلعب مع رفاقه وجيرانه بل كان يتفرغ للرسم ببدائية الطفولة، بقلم الرصاص والممحاة.
منذ عامه التاسع وبدأ الرسم يتملكه، وهو الذي له في معاشرة الألوان 30 عاماً، 15 عام منها مارس حياته بين المهنة الأمنية صباحاً، وهوايته الأم بعد الدوام.
من الهندسة الداخلية والرسم إلى الحقوق، انتقل أبي اللمع في دراسته، التي رجحت فيها كفّة القوانين، ليلتحق بالسلك الأمني في العام 2005.
لا يرى أبي اللمع تعارضاً بين مهنته وهوايته، فهو أثقل نفسه في الرسم من خلال القراءة والمتابعة، كما أنّه زار معارض الرسم الأهمّ في العالم.
لوحاته تجسد الطبيعة، الطبيعة الحلم، المفقودة ربما. بيت القرميد حاضرٌ في العديد منها، أما الألوان التي يستخدمها في تلك التي يحملك تمازجها إلى “الضيعة” والمناخ الهادئ بعيداً عن ضجيج بيروت وازدحامها.
لبيت القرميد حكاية لدى أبي اللمع، فيحدثنا عن ذاك البيت الواقف فوق جبل، البيت الصغير ذي القرميد الأحمر، هو حلمه!
ريشته لم تحاكِ فقط الطبيعة، بل أيضاً رسم العديد من البورتريه لقديسين.
علاقة أبي اللمع بالرسم، تلخص مفهوم amour passion لاسيما حين يتحدث عن لوحته الأخيرة “فينيز”، وعن الحزن الذي تملّكه لدى الانتهاء منها وكأنّه أراد أن يتابع التجربة معها أن يستمتع أكثر بهذا الشغف، أن يخلط أكثر الألوان، هذا التعلق باللوحة جعله يمارس طقوساً لا رسماً، ولما وصل إلى نقطة النهاية وقع في لحظة يأس.
شارك أبي اللمع مؤخراً في معرضين، الأوّل معرض #art_of_living في الفوروم بيروت، الذي شهد مشاركة 60 فناناً، والثاني معرض “فنانون في مهمة”، الذي حمل رسالة دعم ذوي الاحتياجات الخاصة وشارك فيه أكثر من 65 فناناً.
هو رجل الأمن صباحاً، الفنان ليلاً، مثل أيّ “بطل خارق”، لكن بالمقلوب، فهو يتخفّى في هوية أخرى، للقيام بالمهمات السرية :”الرسم”، والعودة صباحاً إلى عمله في حماية الناس والسهر على أمن المواطنين.