احسان المنذر: رحلة في عذوبة النغم
حياته
يتذكر من طفولته (هو من مواليد بيروت سنة 1947) أنه كان في السابعة من عمره حين سمع عازف ناي يمر تحت البيت في الحي. هرع الى الشرفة كي يراه ثم راح ينتظره يمر كل مساء يعزف تحت شباك فتاة في الحي يحبها. ذات مساء نزل اليه يسأله عن تلك الآلة فشرح له العازف "العاشق" أنه جاء بقصبة يابسة وأحدث فيها ثقوبا ً بشيش نار ونفخ فيها فأعطت أنغاما ً. أراد الصبي احسان أن يفعل مثله فجاء بقصبة وراح يحرقها بشيش نار. وحين "ضبطته" والدته شرح لها أنه "يخترع" آلة ناي، فابتسمت لبراءته وأكمل هو "اختراعه" وأخذ يعزف على الناي.
حين نجح شقيقه في السرتيفيكا (وكانا معا ً في المدرسة العباسية الابتدائية – الرويس - حارة حريك - الضاحية الجنوبية من بيروت) أهداه والده آلة أكورديون لم يهتم الشقيق له كثيرا ً فكان من نصيب الفتى احسان يعزف عليه، الى أن جاء مرة صديق بلجيكي لأبيه سمعه يعزف "عزيزة" لعبد الوهاب فنصح الوالد بادخاله الى معهد موسيقى. وهكذا دخل احسان (1959) الكونسرفاتوار الوطني (القسم الغربي) يدرس البيانو، والنظريات على سلفادور عرنيطة (ومن زملائه في الصف: وليد حوراني)، وأخذ دروسا ً خاصة على الأستاذ الروسي تشيسكينوف (في بيته - رأس بيروت، وهو أيضا ً أستاذ زياد الرحباني).
وكان لا بد من الدراسة الأكاديمية فسافر الى القاهرة وحصل "التوجيهية" ملتحقا ً بعدها بجامعة عين شمس لدراسة العلوم النفسية والاجتماعية. لكنه، بعد سنة واحدة، استصعب دروس الفلسفة فيها فأشاح والتحق ب "كونسر فاتوار الهرم".
سنة 1967 عاد الى بيروت والتحق بكلية الحقوق في الجامعة اللبنانية لدراسة السياسة والاقتصاد. لكنه بعد سنتين أشاح عن الدراسة الجامعية بعدما وجد هويته الحقيقية في الموسيقى، فسافر الى ايطاليا (1970) ملتحقا ً بمعاهد خاصة في جنوى وميلانو يدرس التأليف الموسيقي. وهناك تزوج من الايطالية مارينا (له منها ماريا وأحمد وسارة) وأخذ يعزف البيانو ويغني (في ست لغات) في الفنادق وفي حفلات خاصة، وعمل مترجما ً في القنصلية اللبنانية (ميلانو). واشتهر بغنائه أعمال نات كنغ كول.
عاد الى بيروت (1979) يعزف (ويغني) في فندق كومودور حيث اتفق ذات مساء أن حضر المخرج سيمون أسمر (ومعه المخرج روميو لحود ) وكان يهيىء لبرنامجه "ستوديو الفن 1980" فاتفق معه على قيادة أوركسترا البرنامج.
وعاد فتزوج من كارول شحود، وله منها فراس وآية. وسنة 1985 ترأس الدائرة الموسيقية في الاذاعة اللبنانية.
ومنذ مطلع الثمانينات بدأ الجمهور الواسع يعرفه ملحنا ً وقائد أوركسترا. بدأت رحلته مع التلحين (أول عملين له كانا "نبع المحبة" و"ما حدا بيعبي" لماجدة الرومي، من كلمات مارون كرم)، ومع التوزيع ابتدأ (لماجدة الرومي أيضا ً) مع "خدني حبيبي " و"عم يسألوني عليك الناس" (تلحين نور الملاح)، فكان طليعة التوزيع الأوركسترالي لألحان سواه. ومع بدايات راغب علامة (بعد نجاحه في "ستوديو الفن 80") تولى تلحين بعض أغانيه (" الكتب العتيقه"، "بكرا بيبرم دولابك"،" عن جد بقلك عن جد"،"لوشباكك ع شباكي"،"برافو عليكي"،...). وبعدها راحت أعماله اللحنية تنتشر وتشيع: أسطوانة أطفال في خمس أغنيات لماجدة الرومي. (احداها: "طيري يا عصفوره" من شعر جوزف أبي ضاهر، انتقل لحنها الى ايطاليا وذاعت بالايطالية وفازت بالجائزة الأولى في مسابقة بولونيا سنة 1989)، "كلمات" (لماجدة الرومي من شعر نزار قباني)، " قف يا زمان" لجوليا بطرس (شعر ليليا أبو شديد). واحتلت ألحانه المراتب الأولى طوال التسعينات (توزعت ألحانه على أصوات مكرسة أخرى: صباح، وليد توفيق، سميرة السعيد، آنوشكا، نجوى كرم، باسكال مشعلاني، علاء زلزلي، ميشلين خليفة،...).
سنة 1992 أنشأ الستوديو الخاص به (وجهزه بتقنيات تقليدية وحديثة) وراح يسجل فيه أعماله وأعمال سواه، ومنها القسم اللبناني من "الحلم العربي" (لطيفة، ميشلين خليفة، ...).
ووضع موسيقى تصويرية لفيلمين: "الانفجار" و"المخطوف"، وأوبريت "وصية حب" (مع ديانا حداد ووائل كفوري- دبي) ووزع موسيقى مسرحية "ايليا النبي" (نص ولحن أنطوان جبارة) ومسلسلات تلفزيونية.
نال جوائز عدة، منها: الجائزة الأولى من تونس سنة 1994 في مهرجان "الميكروفون الذهبي" على أغنية "لا أريد اعتذارا ً" (بصوت سمية بعلبكي)، والجائزة الثانية سنة 1996 في مهرجان القاهرة على أغنية "نهر الايام" بصوت لور عبس (شعر ايليا أبو شديد ). وحاز سنة 2006 على تكريم دار الأوبرا (الاسكندرية) من جمعية فناني الاسكندرية.
وفي بيروت، هو حاليا ً نائب رئيس جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى في لبنان.
ويواصل من ستوديو "المنذر سوبر ساوند" نشاطه التأليفي موزعا ً ألحانه على نخبة النخبة من أصوات لبنان والعالم العربي.