لماذا نرسم لماذا نكتب؟ - لوحتان لفيصل سلطان

النهار- أدب فكر وفن - الثلاثاء - 11 أيلول - 2012
لماذا نرسم لماذا نكتب؟ - لوحتان لفيصل سلطان

لوحتان من وحي المرحلة الراهنة، رسمتهما لشعوري بخطر وقوع بيروت مجددا في أتون الحرب التي سبق أن دمرتها. لا أومن بالسياسة، أنا أومن بالثقافة، الثقافة تبني أحلامنا والسياسة تدمرها، هل نحن كلنا شهداء؟

منظر بانورامي لقلب بيروت حيث استشهدت مبانيها القديمة وأضحى الشاطئ الممتد من الزيتونة إلى المرفأ مقبرة لنسيج خرابها ودمارها، وكذلك منظر خليج السان جورج حيث دارت معارك الفنادق. اخترت هذا المنظر البانورامي من لقطة في أواسط التسعينات من القرن الماضي حين بدأت بيروت تستعيد أحلامها الثقافية والعمرانية، وفي الوسط تمثال مازاكوراتي (تمثال الشهداء) كأثير لحلم الحرية المتغلغل في قلب المدينة. اللوحة الثانية تجسد خوف اللبنانيين من عودة الحرب ومن عودة شلالات الدماء والخراب إلى قلب بيروت. حتى لا تعود الحرب، أهدي هذين العملين إلى موطن أحلامنا.

لماذا نرسم، لماذا نكتب؟ هل لنخترق الزمن الراهن؟ هل لنجيب عن رغبات النهوض من جديد؟ كأزهار في حقول من الدماء؟ كأحلام حاضرة في ميادين الهجرات، حيث تتراكم ألوان الصمت، في عيون الأطفال الراحلة صوب التخوم المشمسة، وفي وجوه العجائز أمام مقابر جماعية من دون مسافات؟

لماذا نرسم، لماذا نكتب؟ أللموتى وخرائب المدن والساحات، أم للدموع التي تنهمر كبخور متصاعد من وسائد الجنازات المفتوحة؟ هل نرسم ونكتب للتاريخ المعاكس؟ لرغبات الحكام الطغاة؟ أم نرسم ونكتب كي نؤرخ لسلالة الشعوب التي استفاقت كي تترصع بخرائط الهجرات والنكبات وحرائق الحروب؟

لست أدري لماذا. كما لو أننا نرسم جداول الدماء كي نسافر عبر صلوات الجنازات إلى أوطان جديدة تضيء ليالي الذاكرة.