مي زيادة الشرق الناهض بأسره - المعرض العدد الخامس ايلول كانون الاول1922 ص 17
شاءت بيروت ان تكرم " مي" فكانت حفلتها زينة الحفلات ادباً ووطنية وذوقاً.
لا اقول شيئاً في الخطباء والشعراء فقد ذكرت الرصيفات اليومية انهم اجادوا، نعم اجادوا حقيقة هذه المرة لا من قبيل الاطراء الصحافي لانهم كانوا يشعرون وهم يكرمون "مي" انهم يكرمون النهضة الشرقية النسائية بأسرها في شخص هذه النابغة.
وانما اذكر انني ما تأثرت من خطاب ولا ملكني كلام خطيب ، كما تأثرت من خطاب مي، وكما ملكني كلامها، انها لم تكن على المنبر تلك الفتاة الضعيفة اللطيفة الشاعرة بعجز المرأة، وخصوصاً في هذا الشرق، امام قوة الرجل بل كانت الشرق الناهض بأسره وقد تمثل امام سامعيه بشخص فتاة تبرهن للعالم ان المرأة وجدت لتكون لها حقوق الرجل وواجباته.
وقد تكلمت نصف ساعة ورغماً عن الزكام المؤلم الذي ألمّ بها فقد تمنى الحاضرون لو تتكلم ساعات لانها كانت اخطب من وقف على المنبر – معنى والقاء وتعبيراً- بلا جدال.
وقد خطر في خاطري ومي تلقي خطابها البديع وتأسر سامعيها بمعانيه حتى لا يسمع بينهم تردد الهمس لو ان اللبنانيين يجمعون كلمتهم في الانتخابات المقبلة على ان تكون " مي" نائبة عنهم في المجلس النيابي تدافع عن لبنان وعن حقوق لبنان بما اوتيت من فصاحة واخلاص ووطنية صادقة. اذن لأوجدوا لهم هناك قوة لا يغلبها برهان على أهلية اللبنانيين للاستقلال. ولماذا لا يكرم لبنان نابغته فيجعلها في المقام الذي جعل الاتراك فيه نابغتهم خالدة اديب؟ ان مي احق من كل وطني باكرام لبنان واحترامه بل لماذا لا يعطي لبنان المرأة حقها في السياسة والنيابة وعنده مثل مي.
اما الذين تغيبوا من الخطباء والشعراء فقد " اجادوا" كثيرا اذ انه لولا ذلك لما انتهينا من الحفلة حتى في منتصف الليل.