من هو كمال القصار
صبيا ً كان كمال قصار يصغي من الاذاعة الى أغاني ليلى مراد فعشقها ولم يكن يعرف حتى اسمها. ثم تعرف الى صوت أم كلثوم من برنامج اذاعي في الخمسينات. راح شغفه بالموسيقى يزداد، واصغاؤه اليها يتخذ حيزا ً من وقته أوسع.
عام 1967، انتسب الى جامعة القديس يوسف يدرس الحقوق وتخرج سنة 1972 فيما كان يتابع في الكونسرفاتوار دراسة العزف على آلة الفلوت.
ولأنه ركز على الموسيقى المجهولة، أخذ يراسل الكترونيا ً مهتمين في منتديات موسيقى شرقية، منها "منتدى زمان الوصل" وفيه أساتذة موسيقى من أوروبا وأميركا، وتسنى له التعرف بالمستعرب الفرنسي فردريك لاغرانج الخبير بالموسيقى العربية.
أجرى كمال قصار بحوثا ً موسيقية عن فترة النهضة في مصر بين 1903 و 1935، وحفظ أعمال مغنين وعازفين كبار طبعوا بها تلك الفترة، أيام كان الخديوي يساعد الفن ويشجع أعلامه في نزعة للعودة الى الأصالة العربية (في الكتابة والموسيقى والشعر والقصائد) عند احتضار السلطنة العثمانية. ورأى أنها كانت مجهولة لأن العمل عليها كان قاصرا ً في حفظها وتأريخها.
في الثمانينات، اشترى أسطوانات "مطربة القطرين: مصر والشام" فتحية أحمد ذات الصوت المميز التي كانت شهيرة ً أمام منيرة المهدية وأم كلثوم غير أن الأخيرة غطت على زميلاتها في تلك الحقبة.
وواصل قصار جمع اسطوانات وتسجيلات موسيقية قديمة من الطرب العربي والشرق أوسطي أسس بها مكتبة تخدم ذوقه ورغبته في السماع. الى أن جاء "اليوم الكبير" حين أبلغه فردريك لاغرانج عن كنز "مكتبة العناني". ذلك أن ورثة المؤرخ الموسيقي المصري عبد العزيز عناني (صاحب أكبر مجموعة أسطوانات شاهدة في مصر على فترة النهضة العربية، فيها آلاف ساعات التسجيل النادرة، وكتب فريدة عن الموسيقى) يرغبون في بيع مجموعته وهي احدى أندر المكتبات الموسيقية العربية في العالم. وفشلت اسرائيل في شرائها عبر وسطاء ادعوا تمثيل مؤسسات عربية.
واغتبط كمال قصار حين وافق ورثة العناني على بيعه الكنز الذي حقق له حلمه، بتوثيق فترة ذهبية مجهولة من عصر النهضة في مصر الذي بدأ مع بداية القرن التاسع عشر لكن المسجل منها لم يبدأ تسجيله سوى عام 1903.
ضمت المجموعة أشرطة (78 لفة) و نحو 6000 ساعة مسجلة لحفلات خاصة وعامة، وكتبة عن تاريخ الموسيقى. واعترف قصار: "كنت فدائيا ً ولم أكترث للمال. أحسست بائتماني على جزء من الذاكرة العربية. أسست "مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية" لحفظ تسجيلات ووثائق أساسية في ذاكرتنا الموسيقية، وبوبتها ورتبتها ووضعتها في متناول الجمهور. ويعمل قصار حاليا ً في مؤسسته على تثبيت هذا المخزون الثمين وحفظه من التلف لأنه غير قابل للبقاء طويلا ً في حالته الراهنة، وعلى تنقية هذه الأشرطة كي يصغى اليها بصوت سليم وراق، ويحب الجيل الجديد موسيقانا العربية.
من هنا أن هدف المؤسسة: الحفاظ على هذا الأرشيف الجميل تراثا ً وحاضرا ً في موسيقانا وغنائنا، بنقله الى وسائل حديثة. لكن الأسطوانة قصيرة العمر، وأفضل طريقة هي نسخ التسجيلات وتوزيعها الواسع كي تنتشر في العالم. ولتلك الغاية يطبع نسخا ً لمكتبة الجامعة الأميركية (بيروت) وجامعة الروح القدس (الكسليك) وحتى خارج الوطن، حتى تحفظ وتصان.
ومن مشاريع المؤسسة يقول قصار: في مطلع 2011 الذكرى المئوية لأكبر وأقدم مطرب سجلت له اسطوانات في تاريخ الموسيقى العربية: الشيخ يوسف المنيلاوي الذي يجهله معظم الشعب العربي وحتى الشعب المصري، ولم يرد ذكره الا في رواية لنجيب محفوظ، وستصدر أعماله في سبع أسطوانات مدمجة، مع كتاب موثق.