ساعة في ستوديو فروخ

المعرض العدد الخامس والثلاثون شباط – نيسان 1932 ص 12.

تدخل " ستوديو" فروخ، فتحسب نفسك في معرض، لما يحتويه من الرسوم والصور في مختلف الاوضاع والاشكال، وفي شتى فنون الرسم والوانه وخطوطه، فتقف مدهوشاً امام لوحات جميلة حية ينبض فيها الفن بكل خط من خطوطها، ويفيض الجمال بكل لون من الوانها، ويتدفق السحر بكل رمز من رموزها.

مجموعة باريس: نقف الان امام مجموعة باريس، فنرى مناظر اوقات مختلفة، بانواع شتى: طريق كلود برنار الماطرة، شارع الاوبرا، ساحة الكونكورد، ضفاف السين.

مجموعة الاشخاص: اشكال لبنانية، فتاة لبنانية، شيخ درزي، بدويات.

مجموعة الاندلس: جامعة قرطبة، ساحة الاسود والحمام في قصر الحمراء في غرناطة، قصر الزهراء في اشبيلية.

مجموعة المعرض الاستعماري: بضعة رسوم من المعرض الاستعماري الذي اقيم عام 1931 في باريس.

مجموعة النسخ: وهنا تلفت نظرنا مجموعة نفيسة نسخها الرسام في معرض اللوفر في باريس وسواه، اشهرها العذراء وطفلها، القارئة ، الغسق، ديانا بعد الاستحمام، رقص الحسان، الحب والروح.

تآليفه: الا ان نبوغ الاستاذ مصطفى فروخ يتجلى بتآليفه، اي بالرسوم التي يتخيلها، ويبدعها من مخيلته وهي خليقة بالدرس والتحليل لاظهار ما يمتاز به فنه من قوة تخيل وتفنن وابداع وليكون في قدرة الناقد الفني الحكم على فن الفنان ورسومه واسلوبه.

لنحدق قليلاً في تآليفه فنرى: لبنانية تشرب القهوة، عائلة لبنانية قروية، الامير بشير في قصر بيت الدين، ديموقراطية الخليفة عمر باشعال النار تحت القدر في بيت عائلة فقيرة، كما هو مشهور في التاريخ.
انواع رسومه: زيتي، مائي، مدادي، فحمي، طباشيري.

منزع رسومه: اذا نحن دققنا في فن الاستاذ فروخ، نجده ينهج فيه الى ابداء مناحي نفس الانسان، وما يعتريها من عواطف الفرح والكآبة، الامل واليأس، الاحلام والفشل، الى ما هنالك من مرامي واماني واهواء، وكل ذلك باساليب جمة متعددة الالوان باهرة الانوار.

ميزات فنه: يمتاز فن الرسام بعدة ميزات اشهرها: البساطة، وعدم التكلف، ومتانة المعنى، وعمق الحس، وقوة النور كما يمتاز بشكله الطبيعي الذي لا يعتريه تصنع او مبالغة او نقصان ثم ان الجمال يتجلى فيه بمعانيه البارزة، ويسوده هدوء وجلال، وتطالعك من رسومه حياة حقيقية تنبض معنى وفناً، تمثل حياتنا الراهنة بالوانها الطبيعية والوان الفن الزاهية.

اغراضه: وهنا نلاحظ ان الرسام ينزع بفنه وخطوطه والوانه ليعطينا صوراً محلية حقيقية عن حياتنا الراهنة، وحالتنا الحاضرة، لتكونا تاريخاً بليغاً صادقاً للاجيال القادمة تدرس من ثنايا لوحات الفنان اصح تاريخ لنا.
اوضاع رسومه: واذا ما تفرسنا مليا في لوحاته شاهدنا مختلف الاوضاع في شتى الالوان، من قاتمة، زاهية، باهتة، صافية، هادئة، عبوسة، ضاحكة، ناعمة، خشنة، قاسية، لينة. على انها جميعها مليئة بالفن الحقيقي، والشعور المتباين، والمعاني والرموز الجمة، والمنازع المختلفة، التي تعبر عن نواحي صور الحياة والطبيعة والجمال والحب والشباب والفن والنفس الانسانية واهوائها.

تأثيراته وطابع رسومه: واذا بنا نجد الفنان تأثر في بادىء الامر بالمدرستين الايطالية والفرنسية، انما ثمة طابع خاص، وشخصية خاصة في فنه ورسومه الان، وهو يفضل ويحب من الرسامين الكلاسيك تيسيان وميكال انج من المدرسة الايطالية، ورمبرانت من المدرسة الهولندية، وده لاكروا من المدرسة الفرنسية، وكلود مونيه من المدرسة الحديثة.

الخاتمة: الى هنا انتهى بنا السير في جولتنا الفنية اللذيذة في هيكل الاستاذ فروخ، فاذا اعتراك شيء من التعب اوالكلل – لا اظنك تشوه جمال رحلتنا الفنية بهذا الادعاء- فاذكر انك لم تعتد على مثل هذه البحوث الفنية التي تقدم لك ابرز مثال للنبوغ الوطني. وقبل ان اصافحك مودعاً اظنك لاحظت معي ان في الاستاذ فروخ حباً قوياً لفنه وايماناً وثقة برسومه لا يعتريها غرور، ولطفاً وتواضعاً، ووجهاً نحيلاً تعلوه ابتسامة الفنان الخفيفة، اذا ما تحدثت اليه هنيهة تطالعك عيناه بمعان عميقة سامية تنطق باحلام وامال ورسوم والوان يتمخض بها دماغه ليلدها روائع بريشته الساحرة.